تجاوز الموقف التركي حيال ثورة الثلاثين من يونيو، وما ترتب عليها من عزل الرئيس السابق محمد مرسي، كافة الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، وشكل تدخلا واضحا في الشأن الداخلي المصري، حيث شن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، حملة إعلامية، وخاض مواجهة سياسية مع المؤسسة العسكرية المصرية، وأطلق على متظاهري ميدان التحرير مصطلح "الانقلابيون"، واعتبر أن ما حدث في مصر بمثابة "انقلاب عسكري" ضد رئيس مدني منتخب، داعيًا إلى الإفراج عنه، والعودة إلى أوضاع ما قبل الثالث من يوليو 2013.
أوضحت طبيعة التشدد في المواقف ونمط العصبية التي وسمت تعليقات رئيس الوزراء التركي حيال تسارع وتيرة الأحداث في مصر، أن الحكومة التركية لم تستوعب بعد فكرة سقوط حكم الإخوان عبر ثورة شعبية على غرار ما حدث في أعقاب ثورة 25 من يناير، بما انعكس على التصريحات المتتالية التي أدلى بها أردوغان، وجعلته يبدو في بعض الأوقات كأنه رئيس أحد الأحزاب السياسية المصرية، حيث أعلن أن "رئيسه هو محمد مرسي"، كونه الرئيس المنتخب من قبل الشعب، منتقدا الموقف الإقليمي والدولي من الأحداث السياسية في مصر.
وقد بدا من المواقف والتصريحات التركية المختلفة أن أنقرة تعيش أزمة على وقع الأحداث في مصر، وأن الساحة السياسية التركية غدت أكثر تداخلا مع المشهد المصري، حيث اشتدت وتيرة التظاهرات التي عمت بعض المدن التركية للتنديد بالجيش المصري، وهي مظاهرات شارك فيها مؤيدو حزب العدالة والتنمية، فضلا عن الكثير من عناصر الإخوان المسلمين في تركيا، سواء من المقيمين أو من الطلبة العرب، ورفعت خلالها صور الرئيس المعزول محمد مرسي، ورددت شعارات ضد الفريق عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية.
وعلى جانب آخر فقد آثرت تركيا الاستمرار في التصعيد السياسي حيال مصر، من خلال السماح بعقد التنظيم الدولي للإخوان اجتماعات سرية في تركيا لبحث تداعيات سقوط حكم جماعة الإخوان بعد عزل مرسي، وحسب إستراتيجية وضعها ذراع التخطيط في التنظيم الدولي الذي يحمل اسم "المركز الدولي للدراسات والتدريب"، تم وضع إستراتيجية تقضي بالعمل من خلال التنسيق مع بعض القوى الإقليمية على رأسها تركيا. وحددت هدف رئيسي يتمثل في صدع الجيش وعسكرة الصراع، وتشويه المعارضة إعلاميا، ومحاصرة مؤسسات الدولة وتطبيق "النموذج السوري" في مصر. وقد أعقب هذا الاجتماع تصريحات لوزير الخارجية التركي في منتصف يوليو لقناة NTV التركية، أكد خلالها على أن عزل مرسي لن ينشر الفوضى والعنف في مصر وحسب، وإنما في كافة أرجاء الشرق الأوسط.
كان لجملة ذلك دلالات عديدة منها، أن الموقف التركي عانى من ارتفاع حدة الارتباك والتوتر بسبب عدم المقدرة على توقع "الحدث الصدمة"، والذي أرسلت بشأنه السفارة التركية بالقاهرة تقدير موقف إلى وزارة الخارجية، أوضحت فيه أنه ليس بإمكان الحشود الشعبية عزل محمد مرسي. وقد توافق ذلك مع التقديرات الخاصة بسيفر توران، المستشار السياسي لرئيس الحكومة التركي، والذي عينه أردوغان مبعوثا خاصا يعنى من ناحية ببحث سبل إقامة علاقات وثيقة مع مصر، ويقوم من ناحية أخرى بإعداد تقرير أسبوعي عن الأوضاع المختلفة في القاهرة، وقد شارك توران إلى جانب مستشارون آخرون لأردوغان في تقديم المشورة إلى حركة الإخوان بشأن كيفية إدارة الأزمات السياسية المتلاحقة التي شهدتها مصر خلال الشهور الخالية.
تركيا بين ثورتين:
كان اللافت بالنسبة لأنماط المواقف التركية خلال العامين ونيف المنقضيين طبيعة التناقض حيال ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ففيما كانت أنقرة من أوائل الدول التي ساندت ثورة 25 يناير، سواء من خلال مطالبة رجب طيب أردوغان الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بالتنحي استجابة لأصوات شعبه أو من خلال الإعلان عن دعم ومساندة مصر خلال المرحلة الانتقالية، غير أن مواقفها من ثورة 30 يونيو بدت مغايرة، فلم تتخذ جانب المتظاهرين، ولم تدعو حتى إلى التهدئة والحوار بين الأطراف المصرية كافة، وإنما تبنت موقف حركة الإخوان المسلمين في مواجهة بقية القوى السياسية والتيارات الشبابية التي شاركت في إسقاط حكم محمد مرسي.ولم يكن موقف تركيا حيال عزل مرسي المؤشر الوحيد على الانحياز التركي لحزب الحرية والعدالة دون غيره، فقد جاء ذلك في إطار مجمل المواقف التركية من الأحداث المصرية على مدى الشهور الخالية، والتي تجسدت بعض ملامحها في عدم الإدانة الصريحة لممارسات حركة الإخوان، حينما قام أنصار مرسي بالاعتداء على المتظاهرين عند قصر الاتحادية بسبب الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر 2012، وكذلك عندما تفاقمت الأزمة الداخلية العميقة التي سببها تمرير دستور غير توافقي، فضلا عن محاولة حركة الإخوان السيطرة على كافة مؤسسات الدولة، فيما أطلق عليه "أخونة مفاصل الدولة"، بما جعل تركيا وفق بعض التقديرات تنتهج إستراتجية "التدخل الانتقائي" للتعامل مع الأحداث المصرية المتلاحقة.
يضاف إلى ذلك ما بدا من محاولة تركية لتعزيز خبرات حزب الحرية والعدالة السياسية والإعلامية سواء على مستوى القيادات العليا أو الوسيطة أو الشابة، وذلك من خلال دعوة الكثير من هؤلاء لزيارة أنقرة، على نحو مستمر، أكان ذلك من خلال مبادرات رسمية أو شبه رسمية، بما حول تركيا لدى بعض التيارات السياسية المصرية سواء كانت ليبرالية أو يسارية، من موقع "الدولة النموذج" الذي يجب الاقتضاء بها إلى موضع "الدولة الطرف"، التي يجب مقاومة سياساتها، بسبب دعمها لأحد التيارات السياسية المختلف على توجهاتها وسياساتها، في ظل عدم مقدرتها أن تشكل مظلة جامعة يمكن الانضواء تحت لوائها.
علاقات مع حزب أم دولة؟
قد يكون من غير اليسير إغفال ما شهدته العلاقات المصرية التركية من تطورات ايجابية خلال العام الماضي، غير أن ذلك لم يرتبط في الوقت نفسه بمحض وصول حركة الإخوان المسلمين إلى الحكم، فقد شهدت العلاقات المشتركة تطورات إيجابية نسبيا خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. ومع ذلك فقد تسارعت وتيرة هذه التطورات بعد وصول محمد مرسي إلى سدة الحكم، وفي هذا السياق قام رئيس الوزراء التركي بزيارة مصر في نوفمبر 2012، التقى خلالها بالرئيس السابق، محمد مرسى، وقد تكللت الزيارة بتوقيع حزمة من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، كما قام أردوغان بإلقاء خطابا في جامعة القاهرة، دشن فيه مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، وأكد خلاله أمام حشد مكون من زهاء خمس ألاف شخص، التزامه بتحسين العلاقات مع مصر، وقدم رؤية تركية لتطوير العلاقات معها، وقال للحضور الذي تفاعل معه بحماس "أرفع رأسك فوق أنت مصري".يعد ذلك معطيا حاكما لفهم نمط الاهتمام الذي تبديه أنقرة لتوثيق العلاقات مع مصر، وهو توجه أكدته زيارة الرئيس التركي، عبد الله جول، إلى القاهرة، وذلك على هامش مشاركته في مؤتمر القمة الإسلامي، وهى زيارة جاءت بعد أن كان قد التقى الرئيس المصري السابق خلال مشاركته في قمة المؤتمر الإسلامي الاستثنائي في مكة المكرمة في أغسطس 2012، وحينما شارك مرسي في المؤتمر السنوي لحزب العدالة والتنمية. وقد برز في إطار التفاعل بين القيادة السياسية في الدولتين، ملمحين بارزين عكسا مقدار التحول في العلاقات بين البلدين:
أولاهما ارتبط بحضور الرئيس المعزول، محمد مرسي، للمؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية في العاصمة التركية في سبتمبر 2012، وقد بدا أن بعض النخب المصرية تراقب هذه التطورات، في ظل رغبة كامنة في أن تتبع مصر نفس السياسات المعتدلة التي انتهجتها تركيا في الداخل والخارج، على حدا سواء، وهو الأمر الذي لخصه الكاتب المرموق وكبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، إبراهيم كالين، بقوله، إن مصر باتت تعتبر تركيا حليفا رئيسيا، فيما ترى تركيا الأمل والفرصة في عودة مصر كدولة محورية في منطقة الشرق الأوسط.
وثانيتهما تمثل فيما أفضت إليه زيارة أردوغان إلى مصر في نوفمبر 2012 من اتفاقيات، حيث تم توقيع نحو أحد عشر اتفاقية لزيادة حجم التجارة بين البلدين، وتيسير حركة السفر بين تركيا ومصر من أجل توثيق العلاقات التجارية المشتركة، وتعزيز فرص الاستثمار التركي في مصر.
ومع ذلك فإن حالة عدم الاستقرار الذي عانت منه الساحة السياسية المصرية طيلة الإثني عشر شهرا المنقضية، جعلت تركيا موضع اختبار دائم في مواجهة كافة التيارات السياسية المعارضة لسياسات الإخوان، لا سيما أن تحركات حزبي "العدالة" المصري والتركي سواء حيال بعضهما البعض أو من خلال تنسيقهما على المستوى الإقليمي، جعلت كل منها يبدو كجناح سياسي لحركة واحدة.
ذلك أن تركيا لم تكن محض سند إقليمي لحركة الإخوان تستقبل قادتهم وتستضيف مؤتمراتهم، وإنما كانت داعم رئيسي لحزب الحرية والعدالة في مواجهة معارضيه، على نحو جعل السفير التركي في القاهرة يبدو في بعض الأوقات كأحد الرموز السياسية الحاضرة في قلب المشهد المصري بتطوراته المتتالية، ولتضحى وكالة أنباء الأناضول أقرب إلى الوكالة الرسمية لمصر بدلا من وكالة أنباء الشرق الأوسط، بما أفضى إلى الإضرار بالصورة النمطية لتركيا وفق إدراكات وتصورات بعض قطاعات من الشعب المصري .
هذه التصورات والقناعات، عززها عدد من المشاهد السابقة والتالية لسقوط حكم الإخوان في مصر، منها على سبيل المثال استقبال رئيس الوزراء التركي خلال زيارته إلى القاهرة في سبتمبر 2011، وفدا من حركة الإخوان المسلمين، فضلا عن قيامه بزيارة أسرة مؤسس جماعة الإخوان في منزل أبنه "سيف الإسلام حسن البنا". كما بدا ذلك واضحا في انعقاد مؤتمر دولي في اسطنبول عن فكر "حسن البنا"، في مايو 2012.
يضاف إلى ذلك ظهور حسين عوني بوتسالي، السفير التركي في القاهرة جالسا بمفرده إلى جوار أسرة الرئيس المصري السابق داخل قاعة احتفالات جامعة القاهرة، والتي استقبلت خطاب محمد مرسي بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، في يوليو 2012. وفي زيارات السفير التركي، حسين عوني، إلى مقر الإخوان المسلمين في المقطم وليس مقر حزب الحرية والعدالة، وكذلك قيام مرشد الإخوان المسلمين، محمد بديع، بزيارة تركيا أثناء تفاقم الأزمات السياسية داخل مصر.
هذه المعطيات لم تكن إلا تأكيدا على حقيقتين أساسيتين:
أولاها، إن تركيا راهنت على نجاح حزب الحرية والعدالة، وأمدته بـ"توصيات انتخابية" خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، ثم قدمت له"استشارات سياسية" خلال العام المنقضي. وتجلت مظاهر التداخل بين حزبي "العدالة" المصري والتركي في زيارات متبادلة على المستوى الحزبي، وتوقيع فرعى الحزبين في اسطنبول والإسكندرية "اتفاق شراكة" لتبادل الخبرات وتكثيف الزيارات وتعميق التعاون.
وثانيتها، إن تعليقات أردوغان بعد ذلك على عزل محمد مرسي ارتبطت بما أشارت إليه بعض التقارير من أن رجب طيب أردوغان حاول الاضطلاع بدور الوسيط في العديد من الأزمات التي عانت منها الساحة المصرية على مدار الشهور المنقضية سواء بين المؤسسة العسكرية وحركة الإخوان أو بين الأخيرة ومعارضيها، وذلك في محاولة لإنجاح حكم الإخوان في مصر، كما لعب دورا أساسيا بعد ذلك في دفع حركة الإخوان بعدم قبول تسوية تقضي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقد أشارت صحيفة "ملييت" التركية في هذا السياق إلى أن أردوغان قد مارس ضغوطا شديدة على الرئيس المعزول، محمد مرسي، لرفض أي تسوية يقترحها الجيش للخروج من الأزمة، بينها نقل صلاحياته إلى حكومة وحدة وطنية في مقابل بقائه بصلاحيات هامشية.
30 يونيو.. امتدادات إقليمية:
يبدو من نمط المواقف التركية من الأحداث المتسارعة على الساحة السياسية المصرية، أن تركيا قد تواجه تحديات كبرى بالنسبة لإستراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط والخاصة بدعم تيارات الإسلام السياسي للوصول إلى السلطة في دول "الربيع العربي"، على النحو الذي من شأنه أن يجهض الطموحات التركية الخاصة باحتلال موقع "الدولة القائد" في منطقة الشرق الأوسط، بما يعني ضياع الاستثمارات التركية التي استهدفت تدشين تحالف بين مصر وتركيا يعيد تنظيم ترتيبات الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط. هذا بالإضافة إلى إفشال خطط العدالة والتنمية لدعم تيارات وأحزاب الإسلام السياسي للوصول إلى السلطة في بلدان "الربيع العربي"، لما للتطورات المصرية الأخيرة من تأثيرات سلبية، عبر عنها وزير الخارجية التركي، بإبداء مخاوفه من انتقال هذه الأحداث إلى بقية دول المنطقة فيما يشبه "الدومينو السلبي" على مسرح علميات الإقليم.التقييمات التركية للحدث المصري وتأثيراته الإقليمية المحتملة، قد تعني تزايد احتمالات أن تشهد علاقات البلدين توترات كبرى خلال الفترة القادمة، لا سيما بعدما غدا واضحا أن تركيا لم تراجع مواقفها، حتى بعد إقدام مصر على استدعاء السفير التركي بالقاهرة، للاعتراض على السياسيات والتصريحات التركية الأخيرة، وتأكيد الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، في رسالة شفهية إلى الرئيس التركي، عبد الله جول، على أن القاهرة مازالت حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع تركيا، وهى رسالة مررت عبر السفير المصري بأنقرة عبد الرحمن صلاح، والذي عقد جلسة مباحثات مع الرئيس التركي دامت لأكثر ساعتين في منتصف يوليو 2013. وقد تضمن اللقاء مبادرة لجول تقضي بأن يكون الرئيس المعزول جزء من الفترة الانتقالية من خلال تشكيل لجنة لتعديل الدستور المصري فإجراء انتخابات برلمانية ومن بعدها الدعوة للانتخابات الرئاسية الجديدة.
قد يكون ذلك السبب الأساسي في اتخاذ القاهرة قرارا برفع درجة التوتر النسبي لإثناء تركيا عن مواقفها الحادة حيال القيادة السياسية الجديدة في مصر، وذلك عبر التصعيد الإعلامي للمستشار السياسي للرئيس المصري، أحمد المسلماني، والذي أشار في 16 يوليو 2013، إلى أن التصريحات والمواقف التركية بشأن الأوضاع السياسية في مصر غير مناسبة وتعتبر تدخلا في الشأن الداخلي المصري، مطالبا أنقرة باحترام إرادة الشعب المصري الذي خرج في 30 يونيو، داعيا أنقرة أن تنتبه حين تتكلم عن دولة كبيرة مثل مصر، كونها لن تقبل تدخل تركيا في شئونها، مشيرا إلى أن مصر لم تتدخل فيما حدث في ميدان تقسيم من مظاهرات ضد نظام الحكم هناك، ومن ثم فعلى تركيا ألا تتدخل في شئون مصر.
هذا فيما أشار الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء المصري، إلى أن تركيا لديه معلومات منقوصة عن الوضع في مصر. وقد ترافقت هذه التصريحات مع اتساع نطاق الدعوات الشعبية وتعدد مبادرات منظمات المجتمع الأهلي المصري لمقاطعة تركيا سواء على مستوى المنتجات الصناعية أو الأعمال الدرامية أو السياحة في المدن التركية.
هذه التطورات تعنى أن نذر المواجهة الإعلامية والسياسية بين الطرفين قد تتصاعد على نحو أكبر، لا سيما إذا ما استمرت تركيا في تبنى وجهة نظر الإخوان ومحاولة فرضها على مصر. ذلك أنه رغم كافة المجهودات المصرية للارتقاء بالعلاقات المشتركة مع تركيا لتغدو على مستوى الدول وليس على مستوى أحزاب ذات أيديولوجيات وأجندات متشابهة، بيد أن هذه الأخيرة مازالت تصر على أن تبقى العلاقات محدداتها الحاكمة ترتبط بنمط الصلات والروابط بين حزبي الحرية والعدالة في مصر والعدالة والتنمية في تركيا، وذلك لسبب أساسي يتعلق بعدم قدرة تركيا على تجاوز فكرة أنها فقدت شريكا استراتيجيا ممثلا في حركة الإخوان المسلمين، والتي كانت تعتبر سيطرتها على السلطة في مصر إحدى الوسائل الأساسية لتعظيم الحضور الإقليمي لتركيا، من خلال السيطرة وتوجيه الحركة الأم لحركات الإسلام السياسي عبر العالم.
يرتبط ذلك على جانب آخر، بالإدراك التركي لطبيعة التداعيات الإقليمية المترتبة على إسقاط حكم الإخوان في مصر وتأثيراته الجمة على الوضع التركي في المنطقة، لا سيما في ظل ما باتت تعانيه أنقرة من عزلة على المستوى الإقليمي، بسبب توتر العلاقات مع إيران وتفجر الصراع مع سوريا واضطراب العلاقات مع بغداد وعدم تطبيع العلاقات مع إسرائيل، هذا فضلا عن اهتزاز العلاقات مع بعض دول الخليج بسبب دعم ومساندة حركة الإخوان، وتبني مواقف معادية من الجيش المصري الذي تدعمه أغلب الدول الخليجية، وترتبط بعضها معه بعلاقات راسخة.
30 يونيو.. تداعيات داخلية:
وعلى الصعيد الداخلي، فإن هذه التطورات إن استمرت في مدارها الحالي، قد يكون لها انعكاسات سلبية أيضا على الساحة المحلية في تركيا، خصوصا بعد تنامي حركة الاحتجاجات الشعبية لسياسات الحزب الحاكم، على النحو الذي قد يفسر إقدام الحزب على ما يسميه بعض معارضيه "قرصنة تشريعية"، عبر إقرار تشريع يجرم معارضة النقابات العمالية والمهنية لأيا من المشروعات العامة، فضلا عن تغيير المادة 35 من قانون الخدمة الداخلية للقوات المسلحة التركية، وهى المادة التي كان الجيش التركي يستغلها للتدخل في الحياة السياسية.هذا التطورات المفاجئة على الساحة التركية المحلية لها دلالات عدة أهمها تنامي هواجس حزب "العدالة" التركي من أن يصبح 30 يونيو المصري نموذجا يطيح في النهاية بطموحه الإقليمي وسلطاته المحلية، وهو أمر قد لا يبدو مستبعدا، ما لم تراجع أنقرة سياساتها وتستخلص العبر من تجربة حزب "العدالة" المصري، لا سيما في ظل التقارير التي أشارت إلى تأييد الجيش التركي للموقف الذي تبنتها المؤسسة العسكرية المصرية حيال الأحداث الأخيرة، فضلا عن رفع بعض متظاهري تقسيم لصور الفريق عبد الفتاح السيسي، القائد العام للجيش المصري، داخل ميدان تقسيم في قلب مدينة اسطنبول، وذلك ردا من ناحية على المظاهرات التركية المؤيدة للإخوان، وللتعبير من ناحية أخرى عن معارضة سياسات تركيا الخارجية، والتلويح بإمكانية تكرار السيناريو المصري في قلب العاصمة التركية أنقرة.
2 التعليقات:
ان كل ما يقوم بة رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان ليس نابعا من حماية حقوق الانسان والدفاع عن حقوق المتظاهرين السلميين بقدر ما هو الدفاع عن التنظيم الدول للاخوان الذى ينتمى الية
ماذا فعل اردوغان مع مظاهرات ميدان تقسيم
والمظاهرات المناهضة لة
الصور التى رأينها ليست ببعيد وهى خير شاهد
عما فعلة مع المتظاهرين
لماذا يتباكى الان
إرسال تعليق
تعلقك يزيدنا ابداع