العصر الجاهلى
ديوان الشاعر : امرؤ القيس
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل | بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ |
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ | لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ |
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها | وقيعانها كأنه حبَّ فلفل |
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا | لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ |
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ | يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل |
وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ | فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ |
كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها | وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل |
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً | عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي |
ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح | ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ |
ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي | فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ |
فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها | وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل |
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة | فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي |
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً | عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ |
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ | ولا تُبعديني من جناك المعللِ |
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ | فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول |
إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ | بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ |
ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت | عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ |
أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل | وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي |
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ | فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ |
أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي | وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل |
ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي | بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ |
و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها | تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ |
تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً | عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي |
إذا ما الثريا في السماء تعرضت | تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ |
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها | لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ |
فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ | وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي |
خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا | على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ |
فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى | بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ |
هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت | عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ |
إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها | نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ |
مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ | ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل |
كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ | غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ |
تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي | بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ |
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش | إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ |
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ | أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ |
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا | تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ |
وكشح لطيف كالجديل مخصر | وساق كأنبوبِ السقي المُذلل |
وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ | أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ |
تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها | منارة ُ ممسى راهب متبتل |
وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها | نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ |
إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة | إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ |
تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا | وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ |
ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه | نصيح على تعذَاله غير مؤتل |
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ | عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي |
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه | وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ |
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي | بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ |
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ | بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ |
كأن الثريا علِّقت في مصامها | بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ |
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها | بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً | كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ |
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ | كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ |
مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى | أثرنَ غباراً بالكديد المركل |
على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ | إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ |
يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته | وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ |
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ | تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ |
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة | وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ |
كأن على الكتفين منه إذا انتحى | مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َ حنظلِ |
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ | وباتَ بعيني قائماً غير مرسل |
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه | عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ |
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه | بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ |
فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ | جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ | دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ |
وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ | صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ |
ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه | متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ |
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره | عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ |
وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه | بضاف فويق الأرض ليس بأعزل |
أحار ترى برقاً أريك وميضه | كلمع اليدينِ في حبي مُكلل |
يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ | أهان السليط في الذَّبال المفتَّل |
قعدت له وصحيبتي بين حامر | وبين اكام بعدم متأمل |
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة | يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل |
وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة | وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ |
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً | من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ |
كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ | كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ |
وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ | نزول اليماني ذي العياب المخوَّل |
كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً | بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ |
على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ | وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ |
وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ | فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ |
ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي | وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي |
وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ | قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ |
وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه | ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ |
دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ | ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ |
وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا | من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ |
وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا | بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ |
لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً | وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال |
ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني | كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي |
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ | وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي |
وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَة ٍ | بِآنِسَة ٍ كَأنّهَا خَطُّ تِمْثَالِ |
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها | كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ |
كأنَّ على لباتها جمرَ مُصطل | أصاب غضى جزلاً وكفِّ بأجذال |
وَهَبّتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلَفِ الصُّوَا | صباً وشمال في منازلِ قفّال |
ومِثْلِكِ بَيضاءِ العوارِضِ طَفْلة ٍ | لعوبٍ تُنَسِّيني، إذا قُمتُ، سِربالي |
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابها | تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَة ً غَيرَ مِجْبالِ |
كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه | بما احتسبا من لين مس وتسهال |
لَطِيفَة ُ طَيّ الكَشْح غيرُ مُفَاضَة ٍ | إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتجّة ً غَيرَ مِثقالِ |
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها | بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ |
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها | مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ |
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها | سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ |
فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي | أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي |
فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِداً | وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي |
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ | لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ |
فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت | هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ |
وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا | وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ |
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها | عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ |
يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ | لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ |
أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي | وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ |
وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ | وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ |
أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها | كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي |
وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها | بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ |
وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً | كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ |
وَبَيتِ عَذارى يَومَ دَجنٍ وَلَجتُهُ | يَطُفنَ بِجَبّاءِ المَرافِقِ مِكسالِ |
سِباطُ البَنانِ وَالعَرانينِ وَالقَنا | لِطافَ الخُصورِ في تَمامٍ وَإِكمالِ |
نَواعِمُ يُتبِعنَ الهَوى سُبُلَ الرَدى | يَقُلنَ لِأَهلِ الحِلمِ ضُلَّ بِتِضلالِ |
صَرَفتُ الهَوى عَنهُنَّ مِن خَشيَةِ الرَدى | وَلَستُ بِمُقليِّ الخِلالِ وَلا قالِ |
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً لِلَذَّةٍ | وَلَم أَتَبَطَّن كاعِباً ذاتَ خِلخالِ |
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَويَّ وَلَم أَقُل | لِخَيلِيَ كُرّي كَرَّةً بَعدَ إِجفالِ |
وَلَم أَشهَدِ الخَيلَ المُغيرَةَ بِالضُحى | عَلى هَيكَلٍ عَبلِ الجُزارَةِ جَوّالِ |
سَليمَ الشَظى عَبلَ الشَوى شَنَجَ النَسا | لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ عَلى الفالِ |
وَصُمٌّ صِلابٌ ما يَقينَ مِنَ الوَجى | كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِنهُ عَلى رَألِ |
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها | لِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ رائِدُهُ خالِ |
تَحاماهُ أَطرافُ الرِماحِ تَحامِياً | وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ |
بِعَجلَزَةٍ قَد أَترَزَ الجَريُ لَحمَها | كَميتٍ كَأَنَّها هِراوَةُ مِنوالِ |
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً جُلودُهُ | وَأَكرُعُهُ وَشيُ البُرودِ مِنَ الخالِ |
كَأَنَّ الصُوارَ إِذ تَجَهَّدَ عَدوُهُ | عَلى جَمَزى خَيلٍ تَجولُ بِأَجلالِ |
فَجالَ الصُوارُ وَاِتَّقَينَ بِقَرهَبٍ | طَويلِ الفِرا وَالرَوقِ أَخنَسَ ذَيّالِ |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ | وَكانَ عِداءُ الوَحشِ مِنّي عَلى بالِ |
كَأَنّي بِفَتخاءِ الجَناحَينِ لَقوَةٍ | صَيودٍ مِنَ العِقبانِ طَأطَأتُ شِملالي |
تَخَطَّفُ خَزّانَ الشُرَيَّةِ بِالضُحى | وَقَد حَجَرَت مِنها ثَعالِبُ أَورالِ |
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ رَطباً وَيابِساً | لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي |
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ | كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ |
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ | وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي |
وَطا المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ | بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ وَلا آلي |
خليلّي مرّا بي على أم جندب | نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ |
فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانيَ سَاعَة ً | من الدهرِ تَنفعْني لَدى أُمِّ جُندَبِ |
ألم ترياني كلما جئتُ طارقاً | يُفَدّونَهُ بالأمّهَاتِ وبَالأبِ |
عَقيلَة ُ أتْرَابٍ لهِا، لا دَمِيمَة | وَلا ذَاتُ خَلقٍ إن تأمّلتَ جَأنّبِ |
ألا ليتَ شعري كيف حادث وصلها | وكيْفَ تُرَاعي وُصْلَة َ المُتَغَيِّبِ |
أقَامَتْ على مَا بَيْنَنَا مِنْ مَوَدّة ٍ | أميمة أم صارت لقول المخببِ |
فإن تنأ عنها لا تُلاقِها | فإنكَ مما أحدثت بالمجربِ |
وقالت متى يبخل عليك ويعتلل | يسوكَ إن يكشف غرامكَ تدرب |
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن | سوالك نقباً بن حزمي شعبعب |
علونَ بأنطاكية ٍ فوق عقمة | كجرمة نخل أو كجنة يثرب |
ولله علينا من رأى من تفرق | أشت وأنأى من فراق المحصّب |
فريقان منهم جازع بطنَ نخلة | وآخر منهم قاطعٌ نجد كبكب |
فَعَيْنَاكَ غَرْباً جَدْوَلٍ في مُفَاضَة ٍ | كمَرّ الخَليجِ في صَفيحٍ مُصَوَّبِ |
وإنكَ لم يفخر عليكَ كفاخر | ضَعيفٍ وَلمْ يَغْلِبْكَ مثْلُ مُغَلَّبِ |
وإنك لم تقطع لبانة عاشقِ | بمِثْلِ غُدُوّ أوْ رَوَاحٍ مُؤَوَّبِ |
بأدماء حرجوج كأن قتودها | على أبلق الكشحين ليس بمغرب |
يُغرد بالأسحار في كل سدفة | تَغَرُّدَ مَيّاحِ النّدَامى المُطَرِّبِ |
أَقَبَّ رَباعٍ مِن حَميرِ عَمايَةٍ | يَمُجُّ لِعاعَ البَقلِ في كُلِّ مَشرَبِ |
بمحنية قد آزر الضال نبتها | مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمِينَ وَخُيّبِ |
وقَد أغتَدى وَالطّيرُ في وُكُنّاتِهَا | وَماءُ الندى يجرِي على كلّ مِذْنَبِ |
بمنجردِ قيدِ الأوابد لاحهُ | طِرَادُ الهَوَادِي كُلَّ شَاوٍ مُغرِّبِ |
عَلى الأينِ جَيّاشٍ كَأنّ سَرَاتَهُ | على الضَّمرِ وَالتّعداءِ سَرْحة ُ مَرْقَبِ |
يُبارِي الخَنوفَ المُسْتَقلَّ زِماعُهُ | ترى شخصه كأنه عود مشحب |
له أيطلا ظبي وساقا نعامة | وَصَهْوَة ُ عَيرٍ قائمٍ فَوْقَ مَرْقَبِ |
وَيَخْطُو على صُمٍّ صِلابٍ كَأنّهَا | حجارة غيل وارساتٌ بطحلب |
له كفلٌ كالدّعص لبدهُ الثدى | إلى حارِكٍ مِثْلِ الغَبيطِ المُذَأّبِ |
وَعَينٌ كمِرْآة ِ الصَّنَاعِ تُدِيرُها | لمَحْجِرهَا مِنَ النّصيفِ المُنَقَّبِ |
لَهُ أُذُنَانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهِمَا | كسامعتي مذعورة وسطَ ربرب |
ومستفلكُ الذفرى كأن عنانهُ | ومَثْناتَهُ في في رأسِ جِذْعٍ مُشذَّبِ |
وَاسْحَمُ رَيّانُ العَسيبِ كَأنّهُ | عَثاكيلُ قِنْوٍ من سُميحة ِ مُرْطِبِ |
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه | تَقولُ هزِيزُ الرّيحِ مَرّتْ بأثْأبِ |
يُدِيرُ قَطَاة ً كَالمَحَالَة ِ أشْرَفَتْ | إلى سند مثلُ الغبيطِ المذأبِ |
وَيَخْضِدُ في الآرِيّ، حتى كأنّهُ | بهِ عُرّة ٌ من طائفٍ، غَيرَ مُعْقِبِ |
فَيَوماً عَلى سِربٍ نَقِيِّ جُلودُهُ | وَيَوماً عَلى بَيدانَةٍ أُمِّ تَولَبِ |
فينا نعاجٌ يرتعينَ خميلة ً | كمَشْيِ العَذارَى في المُلاءِ المُهَدَّبِ |
فكان تنادينا وعقد عذارهِ | وَقَالَ صِحَابي قد شَأَوْنَكَ فاطْلُبِ |
فلأياً بلأي ما حملنا غلامنا | على ظَهْرِ مَحْبوكِ السّرَاة ُ مُحنَّبِ |
وولى كشؤبوب الغشي بوابل | ويخرجن من جعد ثراهُ منصبٍ |
فَلِلساقِ أُلهوبٌ وَلِلسَوطِ دُرَّةٌ | وَلِلزَجرِ مِنهُ وَقعُ أَهوَجَ مُتعَبِ |
فَأدْرَكَ لمْ يَجْهَدْ وَلمْ يَثنِ شَأوَهُ | تر كخذروف الوليد المثقبِ |
ترى الفار في مستنقع القاع لا حباً | على جدد الصحراء من شد ملهبِ |
خفاهنَّ من أنفاقهن كأنما | خفاهن ودق من عشي مجلب |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعجَة ٍ | وَبينَ شَبوبٍ كَالقَضِيمَة ِ قَرْهَبِ |
وظل لثيران الصريم غماغمُ | يداعسها بالسمهريِّ المعلب |
فَكابٍ على حُرّ الجبينِ وَمُتّقِ | بمَدْرِيَة ٍ كَأنّهَا ذَلْقُ مِشْعَبِ |
وقلنا لفتيان كرام ألا انزلوا | فَعَالُوا عَلَيْنَا فضْلَ ثوْبٍ مُطنَّبِ |
وَأَوتادَهُ ماذَيَّةٌ وَعِمادُهُ | رُدَينِيَّةٌ بِها أَسِنَّةُ قُعضُبِ |
وَأَطْنَابُهُ أشطَانُ خوصٍ نَجائِبٍ | وصهوته من أتحميِّ مشرعب |
فَلَمّا دَخَلْنَاهُ أصَغْنَا ظُهُورَنَا | إلى كلّ حاري جديد مشطب |
كأنّ عُيونَ الوَحشِ حَوْلَ خِبائِنَا | وأرجلنا الجزع الذي لم يثقب |
نمش بأعراف الجياد أكفنا | إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب |
ورحنا كأنا من جواثي عشية | نعالي النعاجَ بين عدل ومحقب |
وراح كتيس الرّبل ينفض رأسهُ | أذَاة ً بهِ مِنْ صَائِكٍ مُتَحَلِّبِ |
كأنك دماءَ الهاديات بنحره | عُصَارَة حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُخَضَّبِ |
وأنت إذا استدبرته سد فرجهُ | بضاف فويقَ الأرض ليس بأصهب |
سما لكَ شوقٌ بعدما كان أقصر | وحلتْ سليمي بطن قو فعرعرا |
كِنَانِيّة ٌ بَانَتْ وَفي الصَّدرِ وُدُّهَا | وَرِيحَ سَناً في حُقّة حِمْيَرِيّة ٍ |
بعَيْنيَّ ظَعْنُ الحَيّ لمّا تَحَمّلُوا | لدى جانبِ الأفلاجِ من جنبِ تيمُرَا |
فشَبّهتُهُم في الآل لمّا تَكَمّشُوا | حدائق دوم أو سفيناً مقيرا |
أوِ المُكْرَاعاتِ من نَخيلِ ابنِ يامِنٍ | دوينَ الصفا اللائي يلينَ المشقرا |
سوامقَ جبار أثيثٍ فروعه | وعالين قنواناً من البسر أحمرا |
حمتهُ بنوا الربداء من آل يامن | بأسيافهم حتى أقر وأوقرا |
وأرضى بني الربداءِ واعتمَّ زهوهُ | وأكمامُهُ حتى إذا ما تهصرا |
أطَافَتْ بهِ جَيْلانُ عِنْدَ قِطَاعِهِ | تَرَدّدُ فيهِ العَينُ حَتى تَحَيّرَا |
كأن دمى شغف على ظهر مرمر | كسا مزبد الساجوم وشياً مصورا |
غَرَائِرُ في كِنٍّ وَصَوْنٍ وَنِعْمَة ٍ | يحلينَ يا قوتاً وشذراً مفقرا |
وريح سناً في حقه حميرية | تُخَصّ بمَفرُوكٍ منَ المِسكِ أذْفَرَا |
وباناً وألوياً من الهند داكياً | وَرَنْداً وَلُبْنى وَالكِبَاءَ المُقَتَّرَا |
غلقن برهن من حبيب به ادعت | سليمى فأمسى حبلها قد تبترا |
وَكانَ لهَا في سَالِفِ الدّهرِ خُلّة ٌ | يُسَارِقُ بالطَّرْفِ الخِبَاءَ المُسَتَّرَا |
إذا نَالَ مِنْها نَظَرَة ً رِيعَ قَلْبُهُ | كما ذرعت كأس الصبوح المخمر |
نِيافاً تَزِلُّ الطَّيْرُ قَذَفاته | تراشي الفؤاد الرخص ألا تخترا |
أأسماءُ أمسى ودُها قد تغيرا | سَنُبدِلُ إنْ أبدَلتِ بالوُدِّ آخَرَا |
تَذَكّرْتُ أهْلي الصّالحينَ وَقد أتَتْ | على خملى خوصُ الركابِ وأوجرا |
فَلَمّا بَدَتْ حَوْرَانُ في الآلِ دونها | نظرتَ فلم تنظر بعينيك منظرا |
تقطع أسبابُ اللبانة ِ والهوى | عَشِيّة َ جَاوَزْنَا حَمَاة ً وَشَيْزَرَا |
بسير يضجّ العودُ منه يمنه | أخوا لجهدِ لا يلوى على من تعذّرا |
ولَم يُنْسِني ما قَدْ لَقِيتُ ظَعَائِناً | وخملا لها كالقرّ يوماً مخدراً |
كأثل من الأعراض من دون بيشة | وَدونِ الغُمَيرِ عامِدَاتٍ لِغَضْوَرَا |
فدَعْ ذا وَسَلِّ الهمِّ عنكَ بجَسْرَة ٍ | ذَمُولٍ إذا صَامَ النَّهارُ وَهَجّرَا |
تُقَطَّعُ غِيطَاناً كَأنّ مُتُونَهَا | إذا أظهرت تُكسي ملاءً منشرا |
بَعِيدَة ُ بَينَ المَنْكِبَينِ كَأنّمَا | ترى عند مجرى الظفر هراً مشجراً |
تُطاير ظرَّانَ الحصى بمناسم | صِلابِ العُجى مَلثومُها غيرُ أمعَرَا |
كأنّ الحَصَى مِنْ خَلفِهَا وَأمامِهَا | إذا نجَلَته رِحلُها حَذْفُ أعسَرَا |
كَأنّ صَلِيلَ المَرْوِ حِينَ تُشِذُّهُ | صليل زيوفٍ ينقدنَ بعبقرا |
عليها فتى لم تحملِ الأرضُ مثله | أبر بميثاق وأوفى وأصيرا |
هُوَ المُنْزِلُ الآلافَ من جَوّ ناعِطٍ | بَني أسَدٍ حَزْناً من الأرضِ أوْعرَا |
وَلوْ شاءَ كانَ الغزْوُ من أرض حِميَرٍ | ولكنه عمداً إلى الروم أنفرا |
بَكى صَاحِبي لمّا رأى الدَّرْبَ دُونه | وأيقنَ أنا لاحقانِ بقصيرا |
فَقُلتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنّمَا | نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموتَ فَنُعْذَرَا |
وإني زعيمٌ إن رجعتُ مملكاً | بسيرٍ ترى منه الفرانقَ أزورا |
على لاحبٍ لا يهتدي بمنارهِ | إذا سافه العودُ النباطي جرجرا |
على كل مقصوص الذنابي معاوِد | بريد السرى بالليل من خيلِ بربرا |
أقَبَّ كسِرْحان الغَضَا مُتَمَطِّرٍ | ترى الماءَ من أعطافهِ قد تحدرا |
إذا زُعته من جانبيه كليهما | مشي الهيدبى في دفه ثم فرفرا |
إذا قُلْتُ رَوِّحْنَا أرَنّ فُرَانِقٌ | على جعلدٍ واهي الاباجل أبترا |
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها | وجَوّاً فَرَوَّى نَخْلَ قيْسِ بْن شَمَّرَا |
نَشيمُ بُرُوقَ المُزْنِ أينَ مَصَابُهُ | ولا شيء يشفي منك يا ابنة َ عفزرا |
من القاصراتِ الطرف لو دب محولٍ | وَلا مِثْلَ يَوْمٍ في قَذَارَانَ ظَلْتُهُ |
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم | قريبٌ ولا البسباسة ُ ابنة يشكرا |
أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدرا | بُكَاءً على عَمرٍو وَمَا كان أصْبَرَا |
إذا نحن سرنا خمسَ عشرة ليلة | وراء الحساءِ من مدافع قيصرا |
إِذا قُلتُ هَذا صاحِبٌ قَد رَضيتُهُ | وَقَرَّت بِهِ العَينانِ بُدِّلتُ آخَرا |
كَذَلِكَ جَدّي ما أُصاحِبُ صاحِباً | مِنَ الناسِ إِلّا خانَني وَتَغَيَّرا |
وَكُنّا أُناساً قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ | وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا |
وما جبنت خيلي ولكن تذكرتْ | مرابطها في بربعيصَ وميسرا |
ألا ربّ يوم صالح قد شهدتهُ | بتَاذِفَ ذاتِ التَّلِّ من فَوْق طَرْطرَا |
ولا مثلَ يوم فق قُدار ان ظللتهُ | كأني وأصحابي على قرنِ أعفرا |
ونشرُب حتى نحسب الخيل حولنا | نِقَاداً وَحتى نحسِبَ الجَونَ أشقَرَا |
أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ | يُضيءُ حَبِيّاً في شَمارِيخَ بِيضِ |
ويهدأ تاراتٍ وتارة ً | ينوءُ كتعتاب الكسير المهيض |
وَتَخْرُجُ مِنْهُ لامِعَاتٌ كَأنّهَا | أكُفٌّ تَلَقّى الفَوْزَ عند المُفيضِ |
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحُبَتي بَينَ ضَارجٍ | وبين تلاع يثلثَ فالعريض |
أصَابَ قَطَاتَينِ فَسالَ لِوَاهُمَا | فوادي البديّ فانتحي للاريض |
بِلادٌ عَرِيضَة ٌ وأرْضٌ أرِيضَة ٌ | مَدَافِعُ غَيْثٍ في فضاءٍ عَرِيضِ |
فأضحى يسحّ الماء عن كل فيقة | يحوزُ الضبابَ في صفاصف بيضِ |
فأُسْقي بهِ أُخْتي ضَعِيفَة َ إذْ نَأتْ | وَإذْ بَعُدَ المَزَارُ غَيرَ القَرِيضِ |
وَمَرْقَبَة ٍ كالزُّجّ أشرَفْتُ فَوْقَهَا | أقلب طرفي في فضاءٍ عريض |
فظَلْتُ وَظَلّ الجَوْنُ عندي بلِبدِهِ | كأني أُعَدّي عَنْ جَناحٍ مَهِيضِ |
فلما أجنّ الشمسَ عني غيارُها | نزلت إليه قائماً بالحضيض |
أُخَفّضُهُ بالنَّقْرِ لمّا عَلَوْتُهُ | ويرفع طرفاً غير جافٍ غضيض |
وَقد أغتَدِي وَالطيّرُ في وُكُنَاتِهَا | بمنجردٍ عبل اليدين قبيض |
لَهُ قُصْرَيَا غَيرٍ وَسَاقَا نَعَامَة ٍ | كَفَحلِ الهِجانِ يَنتَحي للعَضِيضِ |
يجم على الساقين بعد كلاله | جُمومَ عُيونِ الحِسي بَعدَ المَخيضِ |
ذعرتُ بها سرباً نقياً جلودهُ | كما ذعر السرحانُ جنب الربيض |
وَوَالَى ثَلاثاً واثْنَتَينِ وَأرْبَعاً | وغادر أخرى في قناة الرفيض |
فآب إياباً غير نكد مواكلٍ | وأخلفَ ماءً بعد ماءٍ فضيض |
وَسِنٌّ كَسُنَّيْقٍ سَنَاءً وَسُنَّماً | ذَعَرْتُ بمِدْلاجِ الهَجيرِ نَهُوضِ |
أرى المرءَ ذا الاذواد يُصبح محرضاً | كإحرَاضِ بَكْرٍ في الدّيارِ مَرِيضِ |
كأن الفتى لم يغنَ في الناس ساعة | إذا اختَلَفَ اللَّحيانِ عند الجَرِيضِ |
غشيتُ ديارَ الحي بالبكراتِ | فَعَارِمَة ٍ فَبُرْقَة ِ العِيَرَاتِ |
فغُوْلٍ فحِلّيتٍ فأكنَافِ مُنْعِجٍ | إلى عاقل فالجبّ ذي الأمرات |
ظَلِلْتُ، رِدائي فَوْقَ رَأسيَ، قاعداً | أعُدّ الحَصَى ما تَنقَضي عَبَرَاتي |
أعِنّي على التَّهْمامِ وَالذِّكَرَاتِ | يبتنَ على ذي الهمِّ معتكراتِ |
بليلِ التمام أو وصلنَ بمثله | مقايسة ً أيامها نكرات |
كأني ورد في والقرابَ ونمرقي | على ظَهْرِ عَيْرٍ وَارِدِ الحَبِرَاتِ |
أرن على حقب حيال طروقة ٍ | كذَوْدِ الأجيرِ الأرْبع الأشِرَاتِ |
عَنيفٍ بتَجميعِ الضّرَائرِ فاحشٍ | شَتيمٍ كذَلْقِ الزُّجّ ذي ذَمَرَاتِ |
ويـأكلن بهمى جعدة ً حبشية ً | وَيَشرَبنَ برْدَ الماءِ في السَّبَرَاتِ |
فأوردها ماءً قليلاً أنيسهُ | يُحاذِرْنَ عَمراً صَاحبَ القُتَرَاتِ |
تَلِثُّ الحَصَى لَثّاً بسُمرٍ رَزِينَة ٍ | موازنَ لا كُزمٍ ولا معرات |
ويَرْخينَ أذْناباً كَأنّ فُرُعَهَا | عُرَى خِلَلٍ مَشهورَة ٍ ضَفِرَاتِ |
وعنسٍ كالواح الإرانِ نسأتُها | على لاحب كالبُرد ذي الحبرات |
فغادَرْتُها من بَعدِ بُدْنِ رَزِيّة ٍ | تغالي على عُوج لها كدنات |
وَأبيَضَ كالمِخرَاقِ بَلّيتُ خدَّهُ | وَهَبّتَهُ في السّاقِ وَالقَصَرَاتِ |
لا إنّ قَوْماً كُنتمُ أمسِ دُونَهُمْ | همْ مَنعوا جاراً لكُمْ آلَ غُدْرَانِ |
عويرٌ ومن مثلُ العويرِ ورهطه | وَأسْعَدَ في لَيْلِ البَلابلِ صَفْوَانُ |
ثِيَابُ بَني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّة ٌ | وَأوْجُهُهُمْ عِنْدَ المَشَاهدِ غُرّانُ |
هم أبلغوا الحي المضللَ أهلهم | وساروا بهم بين العراقِ ونجرانِ |
فَقَدْ أصْبَحُوا، وَالله أصْفَاهُمُ بِهِ، | أبرّ بميثاق وأوفى بجيرانِ |
لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني | كخط زبور في عسيب يمانِ |
دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني | ليالينا بالنعفِ من بدلان |
ليالي يدعوني الهوى فأجيبهُ | وأعينُ من أهوى إليّ رواني |
فإن أمس مكروباً فيا ربّ بهمة | كشَفتُ إذا ما اسْوَدّ وَجْهُ الجَبانِ |
وإن أمس مكروبا فيارُبّ قينة | منعمة أعملتُها بكران |
لهَا مِزْهَرٌ يَعْلُو الخَمِيسَ بِصَوْتهِ | أجَشُّ إذَا مَا حَرّكَتْهُ اليَدَانِ |
وان أمس مكروباً فيا ربُ غارة | شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَانِ |
على ربذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى | مسحٍّ حثيث الركض والزالان |
ويخدي على صم صلاب ملاطس | شَدِيدَاتِ عَقْدٍ، لَيّنَاتٍ مِتَانِ |
وغيث من الوسمي حو تلاعهُ | تبطنتهُ بشيظم صلتان |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً | كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلّبِ العَدَوَانِ |
إذا ما جنبناهُ نأود متنُهُ | كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزّ في الهَطَلانِ |
تَمَتّعْ مِنَ الدّنْيَا فَإنّكَ فَاني | مِنَ النَّشَوَاتِ وَالنّسَاءِ الحِسَانِ |
مِنَ البِيضِ كالآرَامِ وَالأُدمِ كالدّمى | حواصنها والمبرقات الرواني |
أمِنْ ذِكْرِ نَبْهَانِيّة ٍ حَلّ أهْلُهَا | بِجِزْعِ المَلا عَيْنَاكَ تَبْتَدِرَانِ |
فَدَمْعُهُمَا سَكْبٌ وَسَحٌّ وَدِيمَة ٌ | وَرَشٌّ وَتَوْكَافٌ وَتَنْهَمِلانِ |
كَأنّهُمَا مَزَادَتَا مُتَعَجِّلٍ | فريانِ لما تُسلقا بدهانِ |
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان | وَرَسْمٍ عَفتْ آياتُه مُنذُ أزْمَانِ |
أتت حججٌ بعدي عليها فأصبحت | كخطٍّ زبور في مصاحف رهبان |
ذكَرْتُ بها الحَيَّ الجَميعَ فَهَيّجَتْ | عقابيل سقم من ضمير وأشجان |
فَسَحّتُ دُموعي في الرِّداءِ كأنّهَا | كُلى ً من شَعِيبٍ ذاتُ سَحٍّ وَتَهْتانِ |
إذا المرءُ لم يخزن عليه لسانه | فَلَيْسَ على شَيْءٍ سِوَاهُ بخَزّانِ |
فإما تريني في رحالة جابر | على حرج كالقرّ تخفقُ اكفاني |
فَيا رُبّ مَكرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ | وعانٍ فككت الغلَّ عنه ففداني |
وَفِتيانِ صِدْقٍ قد بَعَثْتُ بسُحرَة ٍ | فقاموا جَميعاً بَينَ عاثٍ وَنَشْوَانِ |
وَخَرْقٍ بَعِيدٍ قد قَطَعْتُ نِيَاطَهُ | على ذاتِ لَوْتٍ سَهوَة ِ المشْيِ مِذعانِ |
وغيث كألوان الفنا قد هبطتهُ | تعاونَ فيه كلّ أوطفَ حنانِ |
على هَيكَلٍ يُعْطِيكَ قبلَ سُؤالِهِ | أفانينَ جري غير كزّ ولا وانِ |
كتَيسِ الظِّباءِ الأعفَرِ انضَرَجَتْ له | عقابٌ تدلت من شماريخ ثهلان |
وَخَرْقٍ كجَوْفِ العيرِ قَفرٍ مَضَلّة ٍ | قطعتُ بسام ساهِم الوجهُ حسان |
يدافعُ أعطافَ المطايا بركنه | كما مال غصْنٌ ناعمٌ فوْق أغصَانِ |
وَمَجْرٍ كَغُلاّنِ الأنَيْعِمِ بَالِغٍ | دِيَارَ العَدُوّ ذي زُهَاءٍ وَأرْكَانِ |
وَحَتَّى تَرَى الجَونَ الَّذي كانَ بادِناً | عَلَيْهِ عَوَافٍ مِنْ نُسُورٍ وَعِقْبانِ |
دَعْ عَنكَ نَهباً صِيحَ فيحَجَرَاتِهِ | ولكن حديثاً ما حديثُ الرواحلِ |
كأن دثاراً حلقت بلبونهِ | عقابُ تنوفى لا عقابُ القواعلِ |
تَلَعّبَ بَاعِثٌ بِذِمّة ِ خَالِدٍ | وأودى عصامٌ في الخطوبِ الأوائل |
وَأعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّة ِ خَالِدٍ | كمَشْيِ أتَانٍ حُلِّئَتْ بِالمَنَاهِلِ |
أبت أجأ أن تسلم العام جارها | فمن شاء فلينهض لها من مقاتِل |
تَبِتْ لَبُوني بِالقُرَيّة ِ أُمّناً | واسرحنا غباً بأكناف حائل |
بَنُو ثُعَلٍ جِيرَانُهَا وَحُمَاتُهَا | وتمنع من رماة ِ سعد ونائل |
تلاعب أولاد الوعول رباعها | دوين السماء في رؤوسِ المجادل |
مكللة ً حمراء ذات أسرة | لها حبكٌ كأنها من وصائل |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
تعلقك يزيدنا ابداع