كرداسة

                                                                      مركز شرطة كرداسة
                  

وكر آمن للجماعات الإسلامية.. بلطجية ومسلحون بالشوارع ليلاً.. والأهالى مختبئون فى منازلهم

مع دقات العاشرة والنصف صباحاً من يوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس الجارى، حاصر عشرات الملثمين من أعضاء الجماعة الإسلامية وتنظيم الإخوان قسم شرطة كرداسة، محاولين اقتحامه والتنكيل بأفراد الشرطة الذين يذودون عنه، انتقاماً من «الداخلية» لفضها اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة» بالقوة، بدأت الاشتباكات بين الجانبين واستمرت حوالى ساعة، حتى نفدت ذخيرة قوات الشرطة بالقسم، وأصبحوا فريسة سهلة لجماعات إرهابية مزودة بأسلحة حديثة وذخائر كثيرة، سحلوهم فى البداية ثم قتلوهم بدم بارد ومثلوا بجثثهم، وأضرموا النيران فى سيارات ومصفحات الشرطة خارج القسم. بعد الحادث الإرهابى تحولت مدينة كرداسة إلى كابوس كبير، ووكر آمن لأفراد الجماعات الإسلامية المسلحة، فى ظل غياب الشرطة والقوات المسلحة عنها، وهو ما انعكس بشدة على نشاطها الاقتصادى والتجارى، الذى أصابه الركود والشلل التام بعد إحجام التجار والزبائن عن زيارة شارعها السياحى المعروف بسبب الاضطرابات الأمنية بالمدينة. «الوطن» زارت المدينة وتجولت لمدة 48 ساعة، ورصدت الوضع الأمنى والأحوال المعيشية بها، والتقت العديد من الأهالى والتجار والسائقين الذين حمَّلوا المسئولية لأعضاء تنظيم الإخوان والجهاديين بالقرى المجاورة، التى يغلب عليها الطابع الإسلامى.
«كمية السلاح اللى هنا مهولة تكفى لتحرير فلسطين، وأبلغنا قسم الشرطة قبل 30 يونيو بها»، هكذا تحدث عبدالرحمن محمد، أحد أبناء كرداسة، الذى يمتلك محال بالشارع السياحى، فجاء الرد من أحد ضباط القسم: «لا يوجد ما يدعو للقلق؛ لأن تسليح القسم أقوى وأكبر منهم بمراحل». وهو ما ظهر بالفعل على أرض الواقع صباح اليوم الأخير فى شهر يونيو، الذى خرج فيه المصريون للمطالبة برحيل الرئيس السابق؛ حيث اصطفت 4 مدرعات للجيش والشرطة، مدعومة بـ3 تشكيلات من الأمن المركزى والقوات الخاصة، لتعجز الحشود من داخل المدينة ذات الأغلبية الإخوانية والجهادية عن الاقتراب من قسم الشرطة، لترحل المدرعتان التابعتان للقوات المسلحة بعد 3 أيام من إلقاء الفريق السيسى للبيان الذى عزل فيه «مرسى».
مسجد الشاعر بكرداسة
استمر الوضع على هذا الحال حتى يوم فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة»، حسب «عبدالرحمن»، ومع إشارة عقارب الساعة إلى الواحدة ظهرا، كان قسم الشرطة تحت سيطرة أنصار الرئيس المعزول، الذين احتشدوا من ناهيا وأبورواش وبنى مجدول وعرب الصليبة، ومعهم المئات من كرداسة.
وعن تفاصيل الحادث، يروى سعد منصور، من أهالى كرداسة: الاشتباكات بدأت 11 صباحا بين إخوان كرداسة الذين هاجموا القسم بالحجارة وزجاجات المولوتوف وردت عليهم قوات الأمن بطلقات الصوت والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع، لتزداد سخونة الاشتباكات بوصول عشرات الملثمين من القرى والمناطق المجاورة، الذين هبطوا على مزرعة «الدلح»، كما يروى «سعد»، وخرجوا منها شاهرين أسلحتهم، متجهين إلى قسم الشرطة، ليبدأ إطلاق نار مكثف بين الطرفين، سرعان ما انتهى بنفاد الذخيرة من قوات الشرطة وسقوط 13 فردا منها قتلى وهروب باقى القوى الأمنية بمساعدة الأهالى من الممر السياحى.
بمجرد أن تطأ قدماك أرض كرداسة، خطوات قليلة فى أحد شوارعها كافية لتكشف الحذر والتوجس فى عيون المارة، التى تراقب كل غريب دون التعرض أو الاقتراب، وسط فراغ أمنى كامل؛ حيث لا يوجد أى من أفراد الشرطة أو الجيش. يفسر ذلك سعيد حماد، صاحب أحد المحال بسوق كرداسة، بقوله: «الغالبية من أهالى كرداسة لا يهمهم غير لقمة العيش؛ فكل من له محل يجلس أمامه لتأمينه».
السواد يكسو كل شىء فى محيط قسم الشرطة: 3 عربات لتشكيلات الأمن المركزى، ومدرعتان للشرطة أتت النيران على جميع محتوياتها، لترقد هياكلها متفحمة أمام مبنى الأمن المكون من 4 طوابق لم يتبقَّ منه غير الجدران والحطام ذات اللون الأسود، مبنى أمن الدولة القابع خلف القسم المحترق مغلق منذ ثورة 25 يناير، ورغم ذلك تهشمت أبوابه.
فى ظل الغياب الأمنى شكّل الإخوان والسلفيون لجانا شعبية مسلحة تحاصر مداخل ومخارج المدينة الصغيرة من 8 مساء وحتى 8 صباحا بقيادة أحد شيوخ الجهاديين، يدعى محمد نصر الغزلانى، الذى خرج من السجن فى عهد الرئيس المعزول بعفو رئاسى، وفقا لرواية «س. ق»، مضيفا أن «الغزلانى» كان يمر على هذه اللجان الشعبية بسيارته التى يرافقه فيها 3 أشخاص بينهم ابنه الأكبر، ويمدهم بالسلاح والذخيرة، لكنهم اختفوا تماما يوم الاثنين الماضى بعد تهديد الجيش والشرطة بالنزول إلى كرداسة، لكن الشرطة أو الجيش لم يظهر أى منهما فى المنطقة، ووفقا لـ«س. ق»، فإن الشباب فى كل منطقة شكلوا لجنة شعبية لتأمينها من البلطجية والخارجين على القانون، وليس لمنع الشرطة من الدخول، بل يطالب هؤلاء الشباب قوات الأمن بالقبض على جميع المطلوبين أمنيا وفرض السيطرة الأمنية على المدينة، «حتى لا يتم استهدافنا من قبل كمائن الشرطة بمجرد خروجنا من كرداسة».
مسجد «الشاعر»، أحد أكبر مساجد كرداسة، يقبع على أطراف المدينة فى منطقة تتسم بالهدوء، ويعتبر من الأماكن التى شهدت أحداث المذبحة، كما يروى عبدالرحمن محمد؛ حيث حاول بعض أفراد الأمن الهاربين التحصن به، بعدما تمكنت الجماعات المسلحة من اقتحام القسم، لكن المطاردات لم تتوقف ليتم الاعتداء عليهم فى المسجد.
وأجمع أهالى كرداسة على أن قوات قسم الشرطة كانت أفضل قيادات تولت قسم كرداسة، لكن تهديد أحد ضباط القسم لأهالى البلد بعد مظاهرة اتهموا فيها «الداخلية» بالبلطجة، «يا كرداسة هننيمكم من المغرب ونلبسكم طرح»، كما يردد العديد منهم، لكنهم اختلفوا فى ذكر توقيت هذا التهديد، فريق يقول إن الضباط سبوا أهالى كرداسة يوم 30 يونيو، وهو ما دفعهم لتجاهل الاعتداء على القسم من أشخاص معظمهم من المناطق المجاورة لكرداسة، بينما الفريق الثانى يرى أن هذا التهديد كان بسبب محاولة البعض التعدى على القسم يوم 3 يوليو، بعد إلقاء «السيسى» بيان عزل «مرسى».


منقول عن موقع الوطن

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعلقك يزيدنا ابداع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting