من بعيد بدت الجنازة قادمة والملأ يحملونها.. قام النبى صلى الله عليه وسلم
من مكانه واقفا فقام الصحابة لقيامه لكنهم انتبهوا إلى أمر نبهوا إليه
النبى فورا.
- «يا رسول الله إنها جنازة يهودى!»
جنازة رجل من أشد الناس عداوة للذين آمنوا كما بلفظ الآية القرآنية.
- «أليست نفسا؟»
بذلك السؤال قعَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك القاعدة العظيمة. قاعدة احترام النفس البشرية وعدم امتهانها أو الاستخفاف بها. لقد قال تلك الكلمة الجامعة المانعة ليلخص بها نظرة الإسلام للحياة الإنسانية ولقيمة النفس البشرية ولو كانت نفس يهودى!
أليست نفسا؟ بلى يا رسول الله هى نفس وللنفس احترام ولموتها مهابة أيا كان صاحبها. إن تقدير تلك اللحظة المهيبة واحترام ذلك الحدث الفارق -الموت- كان حال النبى دائما مهما كانت الظروف، وقد ظهر ذلك عند عودته من أحد أسفاره وعلمه بموت تلك المرأة الفقيرة التى كانت تنظف المسجد فما لبث إلا أن ذهب لمثواها ليصلى عليها وحده. وظهر أيضا فى إصراره على دفن عبدالله ذى البجادين بنفسه فى جوف ليلة قضى فيها ذلك الرجل البسيط الفقير نحبه دون أن يشعر به أحد، لكن رسول الله شعر به وقام ليكون آخر من يودعه ويضعه بيديه الشريفتين فى قبره.
وفى زمان صارت فيه الأنفس أرقاما تحصى يوميا وأصبحت أنباء الشهداء والضحايا والأبرياء هنا وهناك تداهمنا كل حين نحتاج لاسترجاع تلك القيمة النبوية، قيمة احترام الموت وتقدير مهابته ورحمة الميت. قبل أن تتحول تلك القيمة بالتدريج لمجرد أعداد جامدة مصمتة تألفها الآذان وتعتادها الأعين، ويأتى علينا يوم لا نكلف فيه أنفسنا بتأمل أسماء أصحابها وسيرهم وربما لا نتذكر حينئذ أنهم بشر وليسوا أرقاما. بشر عاشوا بيننا لهم أحلام وطموحات وفى صدورهم كانت تخفق قلوب تمتلىء بالمشاعر وتنبض بأفراح وأحزان قبل أن تتوقف تلك القلوب للأبد لتترك قلوبا أخرى تتألم لفراقهم وتحترق لما أصابهم قلوب أهلهم وأحبابهم الذين يعرفون أسماءهم ويدركون جيدا أن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام.
عاد جيش المسلمين يوما فمضى عمر بن الخطاب إلى استقبالهم كعادته وسألهم عن إخوانهم الذين قضوا نحبهم فعدّوا له فلانًا وفلانًا من أعيان الناس وأشرافهم ومضوا فى ذكر أقوام بأسمائهم، ثم قالوا: واستشهد آخرون من عوام الناس لا يعرفهم أمير المؤمنين، هنا قال الفاروق كلمته الخالدة باكيا: وما ضرهم ألا يعرفهم عمر إن كان الله يعرفهم ويعرف وجوههم وأنسابهم، وما ضر شهداء اليوم ألا نعرفهم وألا تقام لهم الصفحات على شبكات التواصل والمرثيات عبر وسائل الإعلام فيكفيهم أن ربهم يعرفهم. ما ضرهم أن ينساهم الناس ولا يتذكرهم من البشر إلا بعض أصدقائهم وأحبابهم، ويتحولون فى النهاية إلى أرقام تضاف إلى سجلات الضحايا، إن كان ربهم يعرفهم ويقضى بينهم وبين من تسبب فى إراقة دمائهم كأول ما يكون القضاء فى ذلك اليوم العبوس القمطرير، ما ضرهم أن يستمر البعض فى إهانتهم وتحقيرهم حتى بعد موتهم، وأن يشكك فيهم هذا وينفى عنهم الشهادة ذاك أو يزايد عليهم هؤلاء ويتاجر بهم أولئك وكأن كل قيمتهم أنهم أرقام وإحصاءات. ما ضرهم كل ذلك إن كانوا عند الله ليسوا مجرد أرقام بل أنفس بشرية مكرمة لزوال الدنيا أهون عنده من زوال نفس واحدة منها، هم أنفس حرمة أحدها عند خالقها هى أشد حرمة من كعبته المعظمة، ما ضرهم شىء من ذلك وإنما ضر من تخلى عن تلك القيمة فهانت عنده النفس وإزهاقها وتحولست فى نظره إلى محض مزايدات ومتاجرات وتشكيكات ومراء حول تعدادها حتى صارت فى النهاية بالنسبة إليه مجرد...، أرقام.
- «يا رسول الله إنها جنازة يهودى!»
جنازة رجل من أشد الناس عداوة للذين آمنوا كما بلفظ الآية القرآنية.
- «أليست نفسا؟»
بذلك السؤال قعَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك القاعدة العظيمة. قاعدة احترام النفس البشرية وعدم امتهانها أو الاستخفاف بها. لقد قال تلك الكلمة الجامعة المانعة ليلخص بها نظرة الإسلام للحياة الإنسانية ولقيمة النفس البشرية ولو كانت نفس يهودى!
أليست نفسا؟ بلى يا رسول الله هى نفس وللنفس احترام ولموتها مهابة أيا كان صاحبها. إن تقدير تلك اللحظة المهيبة واحترام ذلك الحدث الفارق -الموت- كان حال النبى دائما مهما كانت الظروف، وقد ظهر ذلك عند عودته من أحد أسفاره وعلمه بموت تلك المرأة الفقيرة التى كانت تنظف المسجد فما لبث إلا أن ذهب لمثواها ليصلى عليها وحده. وظهر أيضا فى إصراره على دفن عبدالله ذى البجادين بنفسه فى جوف ليلة قضى فيها ذلك الرجل البسيط الفقير نحبه دون أن يشعر به أحد، لكن رسول الله شعر به وقام ليكون آخر من يودعه ويضعه بيديه الشريفتين فى قبره.
وفى زمان صارت فيه الأنفس أرقاما تحصى يوميا وأصبحت أنباء الشهداء والضحايا والأبرياء هنا وهناك تداهمنا كل حين نحتاج لاسترجاع تلك القيمة النبوية، قيمة احترام الموت وتقدير مهابته ورحمة الميت. قبل أن تتحول تلك القيمة بالتدريج لمجرد أعداد جامدة مصمتة تألفها الآذان وتعتادها الأعين، ويأتى علينا يوم لا نكلف فيه أنفسنا بتأمل أسماء أصحابها وسيرهم وربما لا نتذكر حينئذ أنهم بشر وليسوا أرقاما. بشر عاشوا بيننا لهم أحلام وطموحات وفى صدورهم كانت تخفق قلوب تمتلىء بالمشاعر وتنبض بأفراح وأحزان قبل أن تتوقف تلك القلوب للأبد لتترك قلوبا أخرى تتألم لفراقهم وتحترق لما أصابهم قلوب أهلهم وأحبابهم الذين يعرفون أسماءهم ويدركون جيدا أن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام.
عاد جيش المسلمين يوما فمضى عمر بن الخطاب إلى استقبالهم كعادته وسألهم عن إخوانهم الذين قضوا نحبهم فعدّوا له فلانًا وفلانًا من أعيان الناس وأشرافهم ومضوا فى ذكر أقوام بأسمائهم، ثم قالوا: واستشهد آخرون من عوام الناس لا يعرفهم أمير المؤمنين، هنا قال الفاروق كلمته الخالدة باكيا: وما ضرهم ألا يعرفهم عمر إن كان الله يعرفهم ويعرف وجوههم وأنسابهم، وما ضر شهداء اليوم ألا نعرفهم وألا تقام لهم الصفحات على شبكات التواصل والمرثيات عبر وسائل الإعلام فيكفيهم أن ربهم يعرفهم. ما ضرهم أن ينساهم الناس ولا يتذكرهم من البشر إلا بعض أصدقائهم وأحبابهم، ويتحولون فى النهاية إلى أرقام تضاف إلى سجلات الضحايا، إن كان ربهم يعرفهم ويقضى بينهم وبين من تسبب فى إراقة دمائهم كأول ما يكون القضاء فى ذلك اليوم العبوس القمطرير، ما ضرهم أن يستمر البعض فى إهانتهم وتحقيرهم حتى بعد موتهم، وأن يشكك فيهم هذا وينفى عنهم الشهادة ذاك أو يزايد عليهم هؤلاء ويتاجر بهم أولئك وكأن كل قيمتهم أنهم أرقام وإحصاءات. ما ضرهم كل ذلك إن كانوا عند الله ليسوا مجرد أرقام بل أنفس بشرية مكرمة لزوال الدنيا أهون عنده من زوال نفس واحدة منها، هم أنفس حرمة أحدها عند خالقها هى أشد حرمة من كعبته المعظمة، ما ضرهم شىء من ذلك وإنما ضر من تخلى عن تلك القيمة فهانت عنده النفس وإزهاقها وتحولست فى نظره إلى محض مزايدات ومتاجرات وتشكيكات ومراء حول تعدادها حتى صارت فى النهاية بالنسبة إليه مجرد...، أرقام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
تعلقك يزيدنا ابداع