سبتمبر على موعد مع الإرهاب

على مايبدو أن الإرهاب العالمى والإقليمى على موعد مع شهر سبتمبر، وثمة علاقة تربط بين هذا الشهر وكثير من الأعمال التى مارستها قوى الشر والاستعمار فى العالم، والاستبداد السياسى فى مصر، والتى كان لها أثر كبير فى تغيير مجريات الأحداث السياسية فى العالم بما فيه بلادى مصر.
ففى مثل ذلك الشهر من العام 2001 وتحديدا فى 11 منه، كانت الأحداث التى شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، من تدمير لبرجى التجارة العالميين، والذى أرخت له واشنطن كبداية للحرب الصليبية على العالم الإسلامى، بعد أن ألصقت التهمة بالتنظيمات الإسلامية فى العالم، ووضعت كثيرا منها على قائمة الإرهاب الدولى.

وكان لذلك التاريخ تأريخا لشرق أوسط جديد، تسعى فيه الولايات المتحدة للهيمنة على المنطقة، متخذة من الإرهاب ذريعة ومبررا لمزيد من التدخل فى شئون الدول، تحت دعاوى ومزاعم مكافحة الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية، فكانت الحرب الأنجلوامريكية على العراق فى العام 2003، والتى كانت بمثابة إشارة البدء فى التقسيم الفعلى للمنطقة العربية على أسس حماية الكيان الصهيونى.

وفى مثل ذلك الشهر أيضًا فى ثمانينيات القرن الماضى، كان الإرهاب الفكرى الذى تمثل فى اعتقالات سبتمبر الشهيرة، التى نفذتها القيادة السياسية فى مصر، تحت دعاوى حماية نصر أكتوبر ومواصلة انتصاراته فى اتفاقية كامب ديفيد، التى أبرمتها مصر مع إسرائيل فى نهاية سبعينيات القرن الماضى، والتى اعتبرتها القيادة السياسية آنذاك طريقا للحصول على كامل سيناء الحبيبة، وهى الممارسة التى اعتبرها البعض إرهابا فكريا، وكان له دور واضح فى انهاء حكم الرئيس الراحل أنور السادات، ثم عاد الإرهاب مرة أخرى فى تسعينيات القرن الماضى فى محاولات اغتيالات استهدفت وزراء الداخلية.

وبعد مرور سنوات عديدة على كل تلك النقاط والأحداث الهامة، التى شهدها شهر سبتمبر، أطل علينا الإرهاب برأسه من جديد ليظهر فى 5 من سبتمبر الجارى، فى ثوب العملية الإرهابية التى كانت تستهدف وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، والتى راح ضحيتها عشرات الأبرياء من بسطاء الناس وعامتهم، الذين لا ناقة لهم ولا جمل فى أى صراع سياسى، ولم يكن لهم أى ذنب سوى أنهم يطمحون فى وطن يكفل لهم السعى الآمن وراء الرزق.

وقد جاء الحادث ليكشف النقاب عن مزيد من الخداع والمكابرة والكذب والادعاء بالباطل، وهى سمات بدت واضحة فى جماعة الإخوان المسلحين، التى أثبتت صدق نواياها تجاه زعزعة استقرار الوطن، وتهديد أمنه واستقراره، بعد أن أطاحت بها الإرادة الشعبية من سدة الحكم، وأنزلتها أسفل سافلين، بعد أن كان فى عليين.

أثبت الحادث الإرهابى صدق الرسالة التى بعثت بها الجماعة وأنصارها من إشارة رابعة، والتى أكدت فيها أن كل من كان هناك، سوف يتحول إلى مشروع تفجير بين أبناء الوطن، وأن طالبان جديدة سوف تظهر فى مصر، انتقامًا من الشعب على رفضه نظام الإخوان، وانتقاما من الجيش الذى انحاز لإرادة الشعب.

جاء الحادث أيضًا بعد تصريحات لأحد القيادات الإخوانية، أكد فيها أن الجماعة لن تترك الشعب، وأنها وراءه بالمرصاد، وأنها مستمرة فى ملاحقته والنيل منه، وأنه سيعود إليها ذليلا منكس الرؤوس، طالبا منها السماح والغفران، على أنه عبر عن إرادته فى وطن حر كريم، ولم يبد السمع والطاعة لحكم الجماعة.

ورغم أن الحادث الإرهابى جاء ليعطى للولايات المتحدة الأمريكية، مبررا لاتهام جماعات الإسلام السياسى، بأنها تمارس الإرهاب الدولى، وأن لواشنطن الحق فى ملاحقته، إلا أنها أدانت الحادث على استحياء حفظا لماء الوجه، فى حين أنها تريد أن تقول لمصر والدول العربية من حولها "تجرعوا كأس الإرهاب"، ليثبت الواقع أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تصدر العنف إلى مصر، مستخدمة هذه المرة جماعة الإخوان المسلحين، حتى تساعدها فى تنفيذ مخطط تقسيم المنطقة، وحتى يتم فتح باب لها للتدخل فى شئون مصر، كما هو الحال فى العراق وسوريا.

جماعة الإخوان المسلحين اذن حاولت أن تستدعى أحداث 11 سبتمبر من العام 2001، فى حادث 5 سبتمبر الماضى، إلا أن الأخير قد بعث برسالة الى سابقه بأن سعى الإرهاب الى مصر قد ظل الطريق، وأنه لا نمو له فى مصر، بعد أن ظهر الفارق بين مكافحة الإرهاب فى تسعينينات القرن الماضى وبين اليوم، فكانت مقاومته فى الماضى مسئولية أجهزة الأمن وحدها، أما اليوم فانه محاصر فى مثلت الشعب والشرطة والجيش وهذا هو الفارق.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعلقك يزيدنا ابداع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting