ماذا تبقى من بلاد الأنبياء..
| |
لا شيء غير النجمة السوداء
| |
ترتع في السماء..
| |
لا شيء غير مواكب القتلى
| |
وأنات النساء
| |
لا شيء غير سيوف داحس التي
| |
غرست سهام الموت في الغبراء
| |
لا شيء غير دماء آل البيت
| |
مازالت تحاصر كربلاء
| |
فالكون تابوت..
| |
وعين الشمس مشنقةُ
| |
وتاريخ العروبة
| |
سيف بطش أو دماء..
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء
| |
خمسون عاماً
| |
والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاً
| |
ثم تبتلع الهواء..
| |
خمسون عاماً
| |
والفوارس تحت أقدام الخيول
| |
تئن في كمد.. وتصرخ في استياء
| |
خمسون عاماً في المزاد
| |
وكل جلاد يحدق في الغنيمة
| |
ثم ينهب ما يشاء
| |
خمسون عاماً
| |
والزمان يدور في سأم بنا
| |
فإذا تعثرت الخطى
| |
عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء..
| |
خمسون عاماً
| |
نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
| |
نغرق الدنيا دموعاً بالتعازي والرثاء
| |
حتى السماء الآن تغلق بابها
| |
سئمت دعاء العاجزين وهل تُرى
| |
يجدي مع السفه الدعاء..
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
| |
أترى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها
| |
في مهرجان العجز…
| |
واختنقت بنوبات البكاء..
| |
أترى رأيتم
| |
كيف تحترف الشعوب الموت
| |
كيف تذوب عشقاً في الفناء
| |
أطفالنا في كل صبح
| |
يرسمون على جدار العمر
| |
خيلاً لا تجيء..
| |
وطيف قنديل تناثر في الفضاء..
| |
والنجمة السوداء
| |
ترتع فوق أشلاء الصليب
| |
تغوص في دم المآذن
| |
تسرق الضحكات من عين الصغار
| |
الأبرياء
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
| |
ما بين أوسلو
| |
والولائم.. والموائد والتهاني.. والغناء
| |
ماتت فلسطين الحزينة
| |
فاجمعوا الأبناء حول رفاتها
| |
وابكوا كما تبكي النساء
| |
خلعوا ثياب القدس
| |
ألقوا سرها المكنون في قلب العراء
| |
قاموا عليها كالقطيع..
| |
ترنح الجسد الهزيل
| |
تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء..
| |
كانت تحدق في الموائد والسكارى حولها
| |
يتمايلون بنشوة
| |
ويقبلون النجمة السوداء
| |
نشروا على الشاشات نعياً دامياً
| |
وعلى الرفات تعانق الأبناء والأعداء
| |
وتقبلوا فيها العزاء..
| |
وأمامها اختلطت وجوه النساء
| |
صاروا في ملامحهم سواء
| |
ماتت بأيدي العابثين مدينة الشهداء
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
| |
في حانة التطبيع
| |
يسكر ألف دجال وبين كؤوسهم
| |
تنهار أوطان.. ويسقط كبرياء
| |
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاء
| |
حملوه بين الناس
| |
في البارات.. في الطرقات.. في الشاشات
| |
في الأوكار.. في دور العبادة
| |
في قبور الأولياء
| |
يتسللون على دروب العار
| |
ينكفئون في صخب المزاد
| |
ويرفعون الراية البيضاء..
| |
ماذا سيبقى من سيوف القهر
| |
والزمن المدنس بالخطايا
| |
غير ألوان البلاء
| |
ماذا سيبقى من شعوب
| |
لم تعد أبداً تفرق
| |
بين بيت الصلاة.. وبين وكر للبغاء
| |
النجمة السوداء
| |
ألقت نارها فوق النخيل
| |
فغاب ضوء الشمس.. جف العشب
| |
واختفت عيون الماء
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
| |
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء
| |
وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
| |
فالعجز يحصد بالردى أشجارنا الخضراء
| |
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا
| |
غير الشتات.. وفرقة الأبناء
| |
والدهر يرسم صورة العجز المهين لأمة
| |
خرجت من التاريخ
| |
واندفعت تهرول كالقطيع إلى حمى الأعداء..
| |
في عينها اختلطت
| |
دماء الناس والأيام والأشياء
| |
سكنت كهوف الضعف
| |
واسترخت على الأوهام
| |
ما عادت ترى الموتى من الأحياء
| |
كُهّانها يترنحون على دروب العجز
| |
ينتفضون بين اليأس والإعياء
| |
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
| |
من أي تاريخ سنبدأ
| |
بعد أن ضاقت بنا الأيام
| |
وانطفأ الرجاء
| |
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
| |
يتسلل الضوء العنيد من البقيع
| |
إلى روابي القدس
| |
تنطلق المآذن بالنداء
| |
ويطل وجه محمد
| |
يسري به الرحمن نوراً في السماء..
| |
الله أكبر من زمان العجز..
| |
من وهن القلوب.. وسكرة الضعفاء
| |
الله أكبر من سيوف خانها
| |
غدر الرفاق.. وخِسة الأبناء
| |
جلباب مريم
| |
لم يزل فوق الخليل يضيء في الظلماء
| |
في المهد يسري صوت عيسى
| |
في ربوع القدس نهراً من نقاء
| |
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
| |
هزي بجذع النخلة العذراء
| |
يتساقط الأمل الوليد
| |
على ربوع القدس
| |
تنتفض المآذن يبعث الشهداء
| |
تتدفق الأنهار.. تشتعل الحرائق
| |
تستغيث الأرض
| |
تهدر ثورة الشرفاء
| |
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
| |
هزي بجذع النخلة العذراء
| |
رغم اختناق الضوء في عيني
| |
ورغم الموت.. والأشلاء
| |
مازلت أحلم أن أرى قبل الرحيل
| |
رماد طاغية تناثر في الفضاء
| |
مازلت أحلم أن أرى فوق المشانق
| |
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعه السماء
| |
مازلت أحلم أن أرى الأطفال
| |
يقتسمون قرص الشمس
| |
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاء
| |
مازلت أحلم…
| |
أن أرى وطناً يعانق صرختي
| |
ويثور في شمم.. ويرفض في إباء
| |
مازلت أحلم
| |
أن أرى في القدس يوماً
| |
صوت قداس يعانق ليلة الإسراء..
| |
ويطل وجه الله بين ربوعنا
| |
وتعود.. أرض الأنبياء
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق
تعلقك يزيدنا ابداع